الموضوع: الطفل والإعلام
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-01-2012, 11:03 PM
ساعد وطني ساعد وطني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 7
يتبع

لنعيش أسبوعاً واحداً مع برامج الأطفال :
دعونا نقترب لأطفالنا أكثر ونحرص أن نشاهد ما يشاهدونه أيضاً ولكن ننظر إليه بعين البصير الناقد ، وحقيقة هذا ما قام به مدير الإعلام بالمجلس العربي للطفولة والتنمية الأستاذ / عبد المنعم الأشنيهي ، في دراسة خطيرة تناولت أثر البرامج التليفزيونية الموجهة لأطفالنا ، تم رصد إحدى القنوات العربية المتخصصة في الأطفال لمدة أسبوع واحد فقط فكانت النتائج التالية :
في أسبوع واحد فضائية عربية للأطفال تعرض 300 جريمة قتل في برامج الأطفال !!!
فقد قام الأشنيهي في دراسته بتحليل مضمون ما تبثه قناة عربية واحدة من بين القنوات العربية الفضائية والأرضية ، تم اختيارها عشوائيًا في ما بثته خلال أسبوع من برامج أطفال مستوردة من الغرب ، أكد أنها عرضت أكثر من 300 جريمة قتل بالإضافة إلى إعلانات تدعو الأسر إلى شراء أشرطة فيديو تتضمن أعمال عنف ، وبتحليل ما بثته هذه القناة من أفلام خلال نفس الفترة وجد أن :
30% منها تتناول موضوعات جنسية ، و27% تعالج الجريمة ، و15% تدور حول الحب بمعناه الشهواني .

عنف وقتل
وأوضحت الدراسة أن تحليل مضمون الرسوم المتحركة المستوردة من الغرب التي عرضتها نفس القناة الفضائية العربية خلال نفس الفترة كشف عن أنها تتضمن عنفًا لفظيًا تكرر 370 مرة ونسبة بلغت 61% وبمعدل نسبي يفوق العنف البدني الذي بلغت نسبته 39% في أحد مسلسلات الرسوم المتحركة ( سلاحف النينجا ) كما تنوعت مظاهر العنف اللفظي حيث ظهر السب والشتائم بنسبة 49% والتهديد بالانتقام بنسبة 23% والتحريض 14% والاستهزاء والسخرية بالآخرين 12% والقذف 3% .
من جهة أخرى تجسد العنف البدني في سبعة مظاهر/
يتصدرها الضرب بالأيدي بمعدل نسبي 25%
فإلقاء الأشياء على الآخرين بنسبة 20%
ثم تقييد حركتهم بنسبة 18%
ثم الشروع في القتل بنسبة 17%
ثم خطف الأشخاص بنسبة 9%
فالسرقة بالإكراه بنسبة 7%
وأخيرًا الحبس بمعدل نسبي 3% [6]
قد يقول البعض ولكنها لن تؤثر على سلوك أطفالنا وإنما هي للترفيه فقط ؟
الطفل – كما هو معلوم – لا يملك رقابة ذاتية من وعيه وإدراكه وشعوره ؛ لأنه في طور تكوين فكرة عن الحياة , وعمره لا يسمح له – إلا في حدود يسيرة – التمييز بين الغث والسمين , والطيب والخبيث , والقبيح والجميل .
يضاف إلى ذلك أن مؤثرات الصوت والصورة والحركة التي يراها الطفل أمامه في الرسوم المتحركة تشده وتنقله إلى عالم آخر غير واقعي , فتراه متسمراً أمام التلفاز يتابع الأحداث بكل اهتمام وانتباه , ويكاد نفسه ينقطع إذا ما تأزّم الموقف , ثم تنطلق صيحاته وتتحرك يداه بعنف وعفوية عند أي موقف مثير , ناسياً ما حوله ومن حوله .
وبالدراسة وُجد أن الأطفال الذي يُقلّدون حركات : ( غريندايزر ) و ( أبطال الملاعب ) و ( الرجل الحديدي ) و ( الكابتن ماجد ) قد بلغوا نسبة 19.28% .

باحث كوري يحذر :
من خارج الولايات المتحدة - وليس من اليابانيين المدرسة المنافسة لديزني - نجد مَن يعارض أفلام الكارتون التي تقدم من المدرستين اليابانية والأمريكية لأنها تشكل خطرا على الطفل ومعتقده .
فقد حذر البروفيسور ( هان ) أستاذ قسم الرسوم المتحركة في جامعة "سيجونغ " بكوريا الجنوبية من خطورة الرسوم المتحركة المستوردة على عقول الأطفال ، وخاصة أفلام والت ديزني الأمريكية التي تمجد قيم الحضارة الأمريكية ، وتقدّس سيطرة الرجل الأبيض وسيادته وكذلك الرسوم المتحركة اليابانية المعقدة ، والتي تضع نظرة تشاؤمية للمستقبل.
كما قال البروفيسور هان : إن تقبّل كل ما أنتجته ديزني بحجة أنه " مجرد كرتون لا غير " ؛ لتغير المحتوى بشكل كبير عن الرسوم التي ظهرت مبكراً بقوله : لأن إنتاج ديزني هو من الرسوم المتحركة الموجهة للأطفال والعائلات فإن الناس يميلون إلى تقبّل ما يأتي فيها والثقة بأنّ كل فليم كرتون يحتوي على قصص جيدة وجميلة وبريئة بدون أي تحفظات أو فحص مسبق ، وأكد أن النظرة العامة تعد الشخصيات الكرتونية فاقدة للهوية ، وهذا ما يسهل انتشارها ونشرها لأيدلوجية راسميها .[7]

"البلاستيشن" لذيذ ..

ألعاب الفديو ( البلاي ستيشن ) :
يرى العالم التربوي (شيلر) الفكرة التي تقول : ( بأن الترفيه لا ينطوي على أي بعد تربوي أو نفسي ، هي اليوم أكبر خدعة أو كذبة في تاريخ البشرية )
تؤكد إحدى الدراسات على أن الأطفال المشغوفين بهذه اللعبة يصابون بتشنجات عصبية تدل على توغل سمة العنف والتوتر الشديد في أوصالهم ودمائهم ؟ حتى ربما يصل الأمر إلى أمراض الصرع الدماغي ، إذ ماذا تتوقع من طفل قابع في إحدى زوايا الغرفة وعيناه مشدودتان نحو شاشة صغيرة ، تمضي ببريق متنوع من الألوان البراقة المتحركة ، ويداه تمسكان بإحكام على جهاز صغير ترتجف أصابعهما من كل رجفة من رجفاته ، وتتحرك بعصبية على أزرار بألوان وأحجام مختلفة كلما سكن ، وآذان صاغية لأصوات وصرخات وطرقات إلكترونية تخفت حينا وتعلو أحياناً أخرى لتستولي على من أمامها ، فلا يرى ولا يسمع ولا يعي مما حوله إلا هي .[8]

ألعاب الفديو والعنف :
يقول الدكتور سال سيفر : ( إن ألعاب الفيديو يمكن أن تؤثر على الطفل فيصبح عنيفاً ، فالكثير من ألعاب ( القاتل الأول ) " فيرست بيرسون شوتر " تزيد رصيد اللاعب من النقاط كلما تزايد عدد قتلاه ، فهنا يتعلم الطفل أن القتل شيء مقبول وممتع ) [9]
لنتساءل : ألعاب الفديو مجرد ألعاب أم وسائط ثقافية ؟ هي ألعاب وفي حقيقتها وسائط ثقافية فهي تعيد صياغة شخصية الطفل وفقاً لثقافة أخرى غير ثقافته الإسلامية والعربية ، وهذه الصياغة تشمل مشاعره وطريقة تفكيره وقيمه وسلوكه و مفهومه لذاته وعلاقته بنفسه و بغيره .
مثلاً :
لعبة من ألعاب الفديو اسم اللعبة "وقت للقتل " Time to kill " للوهلة الأولى اسم مخيف ، وعنوان كبير يملأ الشاشة ، مهمته تهيئة ذهن الطفل لممارسة القتل حينما يشرع باللعب ، وهذه هي الرسالة الأساسية التي يتضمنها العنوان للطفل الصغير ، والطفل يبدأ اللعبة متحفزاً مستعداً لقتل خصمه ، ويشعر أن هذا القتل مشروع بل إنه لا يفوز في اللعبة من غير القتل .
إن هذا القتل يتناسب مع ثقافة (رامبو) الشخصية الأمريكية الكرتونية الشهيرة وشخصية الأفلام السينمائية المعروفة ، والكاوبوي أو رعاة البقر ، ولكنه لا يتفق مع ثقافتنا الإسلامية ، نحن إذا رأينا الطفل يتتبع نملة ليقتلها نهيناه ، وإذا رأينا معه قطة صغيرة يؤذيها أو عصفوراً صغيراً يلعب به أمرناه بالشفقة عليه ، وذكّرناه أن إيذاء هذه الحيوانات عمل مذموم ، فما بالك بقتلها أو التفنن في تعذيبها حتى تموت .
تبدأ اللعبة "وقت للقتل" باستعراض بعض صور شخصيات اللعبة ، وتبدأ بعرض صور كرتونية لنساء جميلات عاريات أو شبه عاريات ، هذه الصور تهدم معنى من معاني ثقافتنا وأدبنا الإسلامي الذي ننشئ عليها أبناءنا وبناتنا وهو الستر والحياء والعفاف .
وبدأ الطفل يلعب ، ولكن ضمن معايير وقيم ثقافة أخرى ، وصور العري والقتل والدم المتفجر من الأجساد تتوالى على ذهنه سِراعاً ، وتنطبع فيه مصحوبة بمشاعر الفوز والانتصار وبلوغ الهدف ، وكلها مشاعر جميلة تدخل السرور على النفس ، وفي كل مرة يتذكر الطفل انتصاره في اللعب يقفز إلى ذهنه مع صور الانتصار وفقاً لقانون الارتباط الشرطي في علم النفس صور العري وصور القتل والدم ، وهكذا كما يستلذ الطفل للانتصار يستلذ لصور العري والقتل والدمار ، ومرة بعد مرة تتغير قيم الحسن والقبح عند الطفل ، وتتغير معها معايير الجمال والخير والشر والحق والباطل ، وهذا نموذج للعبة واحدة فقط وأطفالنا لو سألناهم لذكروا لنا الكثير التي ينكرونها في بداية لعبهم ثم يألفونها ويستمتعون باللعب فيها .[10]
مثال آخر :
لعبة بلاستيشن ملخصها أن اللاعب الفائز هو الذي يستطيع أن يعري المرأة التي أمامه أكثر من الآخر ، وآخر قطعة يسقطها الطفل عن جسدها تكون هي مكمن فوزه ![11]

التعامل مع الأديان :
ولعبة أخرى يدخل فيها اللاعب إلى قصر كبير له قبب ثم يجد أناساً على شكل صفوف ولا يمكن للاعب أن يفوز حتى يقتلهم ثم يتجه بعد ذلك إلى صندوق صغير أخضر ليطلق عليه بعض الرصاصات وينفجر بعد ذلك تنتهي المرحلة وينتقل إلى مرحلة أخرى .
(هل اتضحت الصورة أم تحتاج إلى شرح : ( مسجد – مسلمون يصلون – مصحف يتم تدميره ) .

سلبيات ألعاب الفديو على القيم الإنسانية :
الألعاب الإلكترونية تعتمد اعتماداً كلياً على الخيال ، والإكثار منه ، وهذا بالنسبة للأطفال الصغار فيما دون العاشرة مضر لهم معيق لنموهم ، والطفل يحتاج أن يدرك الواقع ويتعرف عليه كي يصدر أحكاماً واقعية على بيئته ، ويحتاج أن يدرك الواقع كي يعرف قوانين السببية التي تحكم العالم من حوله .
الألعاب الالكترونية تقوم على قلة الحركة فالطفل يجلس في مكان واحد ساعات طويلة يلعب أمام الشاشة ، وربما كان أيضاً يأكل بعض الحلويات أو يشرب المشروبات الغازية ، والجلوس من غير حركة مع الأكل المستمر مدمر لصحة الطفل .
كثير من الألعاب فردية تفصل الطفل عن محيطه وتعلمه الوحدة ، وهذا معيق للنمو الاجتماعي عنده مضعف لتواصله مع الآخرين.

ما العمل ؟
ألعاب الفديو والتعامل معها بإيجابيه :
لست ممن يؤيدون منع ألعاب الفديو ( البلاستيشن ) تماما ً ولكن يمكن أن نتعامل معه بإيجابية وفق التالي :
قلل من الألعاب الإلكترونية لطفلك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً ، وشجّع طفلك على استخدام سواها ، مثل الألعاب التركيبية اليدوية تُمثل بديلاً حسناً وغيرها كثير .
شجّع طفلك على الألعاب الذهنية التي تستخدم العقل في الوصول إلى الهدف وتجنب الألعاب التي تستخدم القوة في الوصول إلى الهدف .
شجع طفلك على الألعاب المشتركة وتجنب ما أمكن الألعاب الفردية ، إن طفلك بحاجة إلى أن ينمو في تواصله الاجتماعي فشجعه على ذلك وهيئ له سبله .
شجع طفلك على الألعاب ذات الحركة الجسمية التي تستدعي منه الحركة والانتقال من مكان إلى آخر مثل : ( الجري وكرة القدم وكرة التنس وكرة السلة و السباق و السباحة ... ) .
في جميع الألعاب ابحث عن البديل القيمي والبديل الأقرب إلى ثقافة طفلك ، لا تترك ثقافة أخرى تختطفه من بين يديك وأنت لا تشعر .
خصص وقتاً للألعاب الإلكترونية وما يشابهها كأفلام الكرتون ، ولا تتركها تستأثر بوقت طفلك كله ، فهو بحاجة إلى الحركة ، وبحاجة إلى الثقافة ، وبحاجة إلى أنواع أخرى من اللعب .
خصص لطفلك وقتاً لمشاهدة بعض الأفلام النافعة مثل : فلم الرسالة أو عمر المختار أو فلم صلاح الدين الكرتوني أو محمد الفاتح أو بعض القنوات والبرامج القيمية ، أو الأفلام التي تتحدث عن الطبيعة وحيواناتها ، أو الفلك ونجومه وأفلاكه ، فهو بحاجة إلى الثقافة والمعرفة ، وشجعه عليها ، ولكن لا تتركها أيضا تستأثر بوقته .
علّم طفلك أن هناك أوقاتاً للجد والعمل المثمر وهناك أوقاتاً للعب ، ومن الخطأ أن يطغى وقت اللعب على وقت الجد .
إياك أن تحرم ابنك أو بنتك من اللعب ، أو تصوره له على أنه أمر مذموم يجب أن يترفع عنه ، فاللعب ضروري له ولنموه ونشأته نشأة سليمة سوية ، وهو عون له على مزاولة الجد في حياته ، ولا يوجد إنسان يستغني عن اللعب ، فشجّع ابنك على اللعب ولكن بقدر ، وتذكر أن النفس السوية المستقرة تحتاج قدراً من اللعب والمرح .
حدد ساعات معينة للعب في الألعاب المختارة بعناية بحيث لا تزيد عن ساعة في اليوم الواحد أو ساعتين على الأكثر متقطعتين غير متواصلتين ، حتى لا تضيع أوقات الأطفال هدراً ، وقد ذكر خبراء الصحة النفسية والعقلية على ضرورة قضاء 75% من وقت فراغ الطفل في أنشطة حركية ، وقضاء 25% في أنشطة غير حركية .
لابد أن نمنح أطفالنا من أوقاتنا ، لنتحاور معهم ، ونقص عليهم قصص تاريخنا الجليل ، وبعض القصص المعاصرة ذات القيم التربوية ونخرج معهم للفسحة ، ونخطط لأوقاتهم .[12]
ومع هذا كله ..
لننطلق أكثر في التفكير الدائم لإيجاد أفكار متجددة تنمي قدرات أطفالنا لإعدادهم للمستقبل ، بدلاً من إفناء حياتهم فيما يعود بالضرر البالغ عليهم .


ماجد بن جعفر الغامدي
إعلامي سعودي - الرياض
__________________
الدعوات الصالحة الصادقة من الوالدين مظنة الإجابة وأن تفتح لها أبواب السماء فاجعلوا دعواتكم لهم جزءاً من مشروع التربية والتوجيه والأمل الجميل
رد مع اقتباس