البضائع المقلدة..

[جعفر الخابوري]

البضائع المقلدة..
تغزو السوق!


تحقيق: مصعب الشيخ صالح


سواءً كنت عزيزتي تبحثين عن شنطة «جوتشي« محمولة على الكتف، أو محفظة «برادا« التي أنزلت مؤخراً، أو نظارة «رايبن« التي ظهرت في فيلم جيمس بوند الأخير، وسواءً كنت عزيزي تبحث عن فيلم «لورد أوف ذا رينجز« أو شنطة سفر «بربري« كبيرة الحجم، أو شنطة لاب توب «سي كيه« أو حتى (شوزات فرامل) لسيارتك الجديدة، فإن لديك خيارين اثنين: إما أن تشتري البضاعة الأصلية، وإما أن تبحث في السوق قليلاً لتجد البضاعة المقلدة بسعر أرخص بكثير لكن مع اختلاف الجودة طبعاً. هذه جولة قامت بها أخبار الخليج للاطلاع على أخبار البضاعة المقلدة التي يتهمها التجار بأنها تشوه سمعة البحرين.

نبدأ بالبضاعة الأخطر وهي (فرامل) السيارات المقلدة، ونمر بانتهاك حقوق الملكية الفكرية عبر نسخ أقراص الدي في دي، ونعرج أيضاً على مسألة بيع الملابس والإكسسوارات.(الفرامل).. خطر محدق التقينا صادق جعفر الذي يعمل في قسم صيانة السيارات في إحدى الوكالات الكبيرة في المملكة، وفضل صادق في البداية عدم ذكر اسمه حتى لا يتهمه بائعو القطع المقلدة بأنه قطع أرزاقهم، لكنه غير رأيه لاحقاً ما دام أنها رسالة توعية تساهم في إنقاذ حياة الناس. { ما هي أخطر القطع التي يمكن تقليدها في السيارة والتي يمكن أن تشكل خطراً على الناس؟ - بالطبع «البريك باد« التي نسميها (الشوزات)، ظاهرياً لا يمكن معرفة الفرق بين المقلدة والأصلية لكن عند السياقة تظهر الفروقات كالتالي: 1- المقلدة تنتهي بسرعة، (فالشوزات تعيش على سيارة الفورد حوالي 50 ألف كيلومتر بينما التجاري يظل 25 ألفاً فقط). ثانياً: التوزيع الحراري من خلال الاحتكاك بالقطعة المعدنية الملاصقة (الدرام) فالتوزيع الخاطئ قد يؤثر في نظام فرامل «اي بي اس« إذا كان موجوداً في السيارة، لكن الأصلي يوزع بطريقة أصح وأكثر أماناً. ثالثاً: التجاري يكون صلبا أكثر زيادة عن اللزوم بحجة أنه سيعيش أطول، لكنه حقيقة يؤثر في (الدرام) فيجعله يتآكل مما يضطر السائق إلى تبديل الدرام والشوزات معاً. والمشكلة الكبيرة تظهر في أداء التوقف المفاجئ، حيث ان الفرامل الأصلية تعمل بشكل أفضل من الفرامل التجارية. { ما هي القطع الأخرى الهامة التي تتعرض إلى التقليد؟ - هناك قطع داخلية توجد فيما نسميه صدر السيارة، فأحياناً في الشارع ترى الإطار ينفصل عن السيارة عادة بفعل القطع التجارية لأنها تستخدم مواد بدرجة ثانية وثالثة في مواضع توصيل المفاصل (جوينت) التي لا تكون محكمة في القطع التجارية، خصوصاً عند استخدامها في السيارات ذات المحركات الثقيلة.

{ هل تباع القطع المقلدة بشكل علني؟ - نعم بشكل علني، وتجدها عندما تذهب لمحلات قطع الغيار التجارية، فالأصلي يتوافر فقط عند الوكالة، أما في السعودية الأمر مختلف تماماً، لديهم أصلي وتجاري لكن هناك يوجد ملصق يشير إلى أن القطعة غير أصلية أما هنا فكل القطع في المحال التجارية هي قطع غير أصلية. أصلي.. غير أصلي.. لا أهتم في إحدى أسواق المملكة رأيت محلاً ممتلئاً بالبضاعة المقلدة من شنط يد نسائية ومحافظ نسائية ونظارات كلها تحمل علامات تجارية أصلية، غالبيتها بدت مصنوعة بشكل ممتاز، لكن بعضها كان يعاني عيوبا واضحة في الصناعة حتى أني استغربت أن يعرضها في الواجهة. سألت البائع الهندي الجنسية عن إقبال الناس على بضاعته فأجاب أن الإقبال ممتاز وأن الأسعار معقولة تبدأ من 5 وتنتهي عند .12 دخلت إلى المحل سيدتان أجنبيتان اختارت إحداهن شنطة متوسطة الحجم اختارتها من دون تفكير طويل، طلب منهما محمد 14 ديناراً لكنهن عرضا عشرة دنانير فوافق بعد أن كادتا تخرجان من المحل. سألته أولاً هل تعلمان بأن الشنطة مقلدة؟ وذلك كي لا أتسبب بإحراج عندما أخرج لأسألهما، فأجاب ساخراً: بالتأكيد تعلمان، هل هناك شنطة ماركة أصلية بعشرة دنانير؟ سألت الاسكتلندية «جويس« الزائرة للبحرين عن الشنطة التي اشترتها للتو (برادا مقلدة): لماذا اشتريتها وهي غير أصلية؟ فأجابت فوراً: لأنها أرخص، سعر الأصلية 500 باوند (حوالي 400 دينار بحريني). وتقول جويس إن هذا المبلغ كبير حتى بالنسبة إلى السواد الأعظم من الشعب الاسكتلندي. أما صديقتها «إيفون« الاسكتلندية المقيمة في البحرين فتقول إن نسبة أكبر من البحرينيين قادرة على شراء الشنطة الأصلية مقارنة بنسبة الاسكتلنديين القادرين على ذلك. وحول وجود هذه البضاعة المقلدة في الأسواق الأوروبية تقول إن هذه البضاعة موجودة ولكن من دون وجود علامة الشركة الأصلية. واستغللت الفرصة للسؤال عن أقراص الفيديو المقلدة فقالت إنها موجودة بسعر يعادل 3 دنانير بحرينية. ألا تشعرين بالنقص وأنت تحملين شنطة مقلدة؟ تجيب «جويس« بسرعة: لا أهتم. وفي سوق أخرى التقيت البائع الهندي عبدالعزيز الذي لا يمتلك في محله أي بضاعة مقلدة، قائلاً إن الناس تفضل البضاعة التي لا تحمل اسم ماركة معروفة ولكنها ذات جودة، على البضاعة المقلدة التي قد لا تستمر طويلاً. ويشير عبدالعزيز إلى طريقة خبيثة في التزوير حيث تقوم بعض الشركات الوهمية بتغيير حرف من اسم شركة معروفة وذلك للتمويه على المشترين الذين قد يقعون في الفخ ليكتشفوا بسرعة أن الجودة منخفضة وأن حذاء الرياضة بالتحديد لا يصلح إلا أن يكون ذا صناعة جيدة وإلا جعلهم زبائن دائمين عند الطبيب. دينار أفضل أم 15؟

يعمل عبدالناصر في مجال غير قانوني هو بيع الأفلام المقلدة على أقراص ض بسعر دينار واحد للقرص، ولا تنتشر خدمات عبدالناصر على نطاق واسع مثل باعة آخرين، لكنه يحقق ربحاً جيداً يصل إلى 200 دينار شهرياً. - لماذا إقبال الناس على الأفلام المقلدة؟ - لأنها رخيصة. هناك قلة قليلة تشتري أفلاماً أصلية ولكن معظم الناس هنا لا يملكون المال الكافي لدفع عشرة أو 15 ديناراً لفيلم واحد، فهل يعقل أن تدفع هذا المبلغ لفيلم قد تشاهده مرة واحدة ثم ترميه؟ نفس المثال ينطبق على جهاز سوني بلاي ستيشن 3 الذي لم ينجح لعدم وجود أقراص مقلدة وذلك في مقابل جهاز مايكروسوفت «إكس بوكس« الذي يحقق نجاحاً لأن فيه نسخ مقلدة بدينارين، الزبون يلعب مرتين أو ثلاثا ويرميها بعد أن تنزل لعبة جديدة. { لكن الشركات المنتجة سوف تخسر؟ - سمعنا أن الشركة نفسها تصنع قطعة تسمح بالنسخة المقلدة بالتشغيل، لأن الأرباح تكون أكثر من الأصلي! وشركة سوني حالياً تصنع منتجاتها في الصين لأن العمالة أرخص، فلماذا تدفع أجراً ألف دولار في حين تستطيع أن تدفع لآخر 50 دولارا؟ السعر أمر هام جداً للزبون وللمجتمع البحريني خصوصاً، فهل الثلاثون أفضل أم ديناران، خصوصاً مع المعيشة الغالية؟ { بحكم خبرتكم في نسخ الأقراص، كم يكلف القرص الواحد؟ - سؤال جميل.. القرص يكلفنا نحن 300 فلس فقط، واحسبها على مستوى شركة كبيرة ستشتري آلاف الأقراص، أعتقد أن ربحهم في القطعة 5،99 بالمائة ونحن نبيع بدينار حسب سعر السوق ولأنه يتطلب مجهوداً ووقتاً، لكن الشركة لن يكلفها شيئاً أبداً، حتى لو حسبت باقي الكُلف أعتقد أن الربح لن يقل عن 50%. { مع رفع أسعار تذاكر السينما هل تتوقعون إقبالاً أكبر على النسخ المقلدة؟ - فعلاً الناس صارت تتجنب السينما والكثير يقولون: نأخذ من عندكم أفضل. أنا شخصياً صرت أتجنب سينما الدانة بعد أن رفعت أسعارها فلا أذهب إلا كل 3 أو 4 أشهر. سأنتقم من السينما ببيع المزيد من السي ديات، وإذا رفعوا السعر في السيف فستزيد مبيعاتنا. وهناك الكثير جداً من الناس يعملون في هذا المجال وكلهم ناجحون لأن الأسعار الأصلية غالية فهو مجال ربح ناجح 100% ولست أنا فقط بل محال الفيديو نفسها توزع تقليدا ولا تأتي بالأصلي. فحتى لو أجر الفيلم الأصلي مرتين أو ثلاثا لن يغطي سعره.

يبيعون بضاعة مقلدة على أنها أصلية { رجل الأعمال فواز الماظ يعيش حالياً قصة مثيرة إن لم تصبح رواية مع دخول القضية أروقة المحاكم المحلية والدولية. يدير الماظ محلاً مشهوراً في مجمع فخم بالمنامة ويمتلك وكالة لعدة علامات تجارية. القصة على لسانه: - منذ خمس وثلاثين سنة بدأنا الحصول على تخويلات ببيع الماركات العالمية المشهورة وزبائننا معروفون، ومنذ فترة قريبة لاحظ زبائننا إعلانات في الصحف والمجلات حول محل في أحد المجمعات يبيع نفس الماركة، إضافة إلى إعلانات في المجمع نفسه من الخارج. ذهبت إلى المحل ورأيت بدلات مقلدة عليها اسم الماركات التي أنا وكيلها هنا! سألت البائع هل بضائعك أصلية فقال: طبعاً أصلية. قلت له: الأصلي ليس بهذا السعر، فأجاب: اذهب لمحل الماظ ترى بضائع أقدم وأغلى. لامتني زوجتي على أنني لم أرد على البائع ولكن ما ذنب البائع وهو ملقن؟ { هل وضعك التجاري يخولك رفع دعوى على المحل؟ - كلا، الشركات الأصلية هي التي لها الحق، فأنا الوكيل الحصري (إلى حد الآن) لكني لست صاحب العلامة التجارية، بل مخول بالبيع مثل جميع تجار البحرين أصحاب الوكالات التجارية. من ناحيتي رأيت الإعلانات وخاطبت الشركة فطلبت إلى التأكد من المشكلة، تأكدت وأرسلت صورا وإيميلا عن هذه الإعلانات في الصحف وهم الآن يتخذون إجراءات من فرنسا وإيطاليا الشركة الآن تتخذ إجراءات. للأسف هذه المشكلة ستتكرر ما دامت البضاعة تدخل والجمارك لا تتأكد من منشئها، فهناك بضائع تروح على أنها إيطالية وهي تأتي من تركيا والصين. { ما هي الإجراءات الاحترازية التي تقترحونها لمحاربة هذه المشكلة؟ - كل بضاعة تمر على الجمارك يجب التأكد من فاتورتها، فلو جاء الحذاء مثلاً من تركيا أو سوريا أو لبنان ومكتوب عليه انه من إيطاليا فلماذا يمر؟ لا أفهم كيف تدخل البضاعة البحرين وهي من منشأ ومكتوب عليها منشأ ثان؟ - هل من حق وزارة التجارة والصناعة البحرينية التدخل في هذه القضية؟ - الوزارة سلطة تنفيذية فقط لا حق لها أن تسحب البضاعة المقلدة إلا بقرار المحكمة حسب علمي، الشركة الأصلية هي الوحيدة التي لها حق رفع القضية، لكن بطبيعة الحال القضية تبقى في المحاكم لمدة قد تصل إلى 4 سنوات يكون خلالها ذلك الشخص قد خرب سمعة البلد. (البحرين رغم الانفتاح والمجمعات يأتون من الخارج وكل المحلات تفتح في البحرين فهناك محلات تبيع بضائع تقليد ولا يوقفهم أحد).

{ هناك شريحة من المواطنين تعتقد أن من حقها أن تتنعم ببضاعة ممتازة وذات ماركة عالمية بسعر مناسب، فما قولك بهذا الخصوص؟ - المواطن ذو الدخل المتوسط أعطه بضائع حلوة من دون اسم ماركة، فهناك من يريد بضاعة مقلدة عليها اسم ماركة معروفة ولكن يغسلها مرة واحدة فتفسد، حتى ذو الدخل المحدود هل تغشه لأنه لا يمتلك نقوداً؟ أعطه قميصاً بدينار أو اثنين لكن جودته جيدة. ما يحصل الآن أنك تجد محالّ جميلة وبضائع مقلدة فالزبون يتردد في شرائها خوفاً من رداءة صناعتها. { ما هو تأثير البضائع المقلدة في سمعة البحرين؟ - الشركات تفكر مرتين قبل أن تأتي إلى البحرين التي هي منذ الأزل مركز تجاري مهم ولها وكالات محمية تكتب اسمها بالذهب، وجيراننا يقولون «لنشتر من البحرين لأنه مضمون مثل الذهب واللؤلؤ«.. فلنبق على هذا المستوى مثل الأيام الحلوة التي خلت.

[الرحال]