منتدى جزيرة الرياضيات  
     

Left Nav التسجيل التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

» منتدى جزيرة الرياضيات » الجزيرة الادارية » الأرشيف » خطبة الجمعه لزعيم الا مه

 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع
  #1  
قديم 10-03-2008, 04:55 PM
جعفر الخابوري جعفر الخابوري غير متواجد حالياً
عضو

 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 121
خطبة الجمعه لزعيم الا مه

حديث الجمعة 18/ ذو القعدة/1422هـ - 1/2/2002م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) -القفول –المنامة.



بسم الله الرحمن الرحيم،الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطاهرين،وأصحابه المنتجبين،والتابعين بإحسان إلى يوم الدين. أيها الإخوة والأخوات،أيها الأبناء والبنات،سلامٌ من الله عليكم ورحمةٌ وبركات،وبعدُ:فقد قال الله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} (الروم:54)صدق الله العلي العظيم.



أيها الأحبَّة: قبل الحديث على ضوء الآية المباركة صلةً لما تقدَّم عن الشباب يهمُّني أن أذكر أمرين ،الأول،إنَّ هذه الآية تهدف إلى ضبط سلوك الإنسان بما تقدَّمَ من درس تربوي سلوكي،حيث تُصرِّح بأنَّ الإنسان ضعيف في طفولته، ضعيف في شيخوخته، ضعيف في شبابه أيضاً، فإنَّ القوة التي وصفته بها إنما هي نسبية، يعني بالنسبة إلى طفولته وإلى شيخوخته هو قوي، أما هو في واقعه فهو ضعيف مهما أحاطَ به نفسه من أسباب القوة، ومهما طغى وتكبَّر وتجبَّر، وإذا كان كذلك هل يستطيع مقاومة مؤاخذة الخالق وعذابه إذا انحرفَ عن الخط الصحيح،وهل يمكنه أن يتحمَّل عملية التعذيب المروِّعة على عصيانه وانحرافه؟!يقول علي(ع) في دعاء كميل مُنبِّهاً لنا إلى هذه الحقيقة:{يا ربِّ ارحم ضعف بدني ورقَّة جلدي ودقَّة عظمي}.الأمر الثاني:إنَّ هذه الآية المباركة من النصوص القرآنية التي تقيم الحجَّة- ضمناً- على صحَّة المعاد،فإذا كان الله تعالى قد خلق هذا الإنسان وأوجده من لا شيء أليس هذا الخالق قادراً على إعادته؟أو ليس من كان قادراً على الإنشاء هو قادر على الإعادة التي هي أيسر وأسهل من الإبتداء؟. قال سيد الموحدين علي(ع):{عجبتُ لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى}.



ليس عجيباً أن ينكر الناس أو يستبعدوا-مثلاً- وقوع الهاتف أو التلفاز، أو غيرهما من معجزات العلم لو قيل لهم قبل وقوعها بسنين أنها ستقع، لأنَّهم لم يروا ما يدل على إمكانية حصولها...ولكن العجب ممن ينكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى واقعاً معاشاً منظوراً!!قال تعالى:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}(يّـس:78-79). والآن لنعد إلى الحديث عن الشباب، فنقول: لقد تحدَّثنا في الأسبوع الماضي عن مشكلة غياب أسلوب الحوار بين الآباء والأبناء، وقلنا إنَّ هذا الغياب قد يؤدي إلى انفلات الشباب وابتعادهم عن جوِّ الأسرة، ولذلك أكَّدتُ أنَّ الحوار بين الآباء والأبناء يجب أن يبقى قائماً مفتوحاً حتى في الحالات الصعبة. أما اليوم-أيها الإخوة والأخوات، والأبناء والبنات-فالمشكلة المقترحة ،والتي أودّ أن أتحدَّث عنها يمكن تلخيصها في الآتي:هناك إحساس عند الشباب بأنَّ قدراتهم ومؤهلاتهم غير محترمة، أي : إنَّ هناك عدم تقدير لآرائهم وعدم احترام لكفاءاتهم.الشباب يقولون: إنَّ لنا رأياً في تلك القضية، ولنا موقفاً من تلك الحادثة، ولكن لا أحد يسمع لنا، ولا أحد يأخذ برأينا. بعض الشباب قاموا بمشروع، وحين جاءوا يأخذون رأي الكبار قالوا لهم : إنَّ هذا المشروع لا يصلح، إنكم لا تملكون الخبرة الكافية،إنكم لا زلتم صغار السن، وحديثيّ العهد. وأمثال ذلك. في منطقة أخرى يقول بعض الشباب إنَّهم كلَّما أرادوا أن يقوموا بعمل كان ردَّ الكبار الذين يملكون المكانة الإجتماعية في المنطقة، كان ردهم على هؤلاء الشباب، أنتم حماسيّون، أنتم عاطفيون، أنتم انفعاليون!!! من هذه الأمثلة وغيرها يتضح أنَّ الشباب يشعرون بالإهمال، والإحباط، وعدم إعطاء الفرصة لإبراز قدراتهم ومؤهلاتهم.. وهذا الأمر غير صحيح، وينبغي أن تتم معالجته بطريقة منطقية.نعم في خصوص التأنِّي والتثبُّت ودراسة المشروع قبل الشروع فيه ما يقوله الكبار صحيح. فأيُّ عملٍ وأيُّ مشروعٍ يحتاج لدراسة متأنّية، وخطَّة مدروسة تضمن له النجاح. وصحيح ما يقوله الكبار أيضاً من أنَّ الشباب مرحلة عنفوان، وفيها كثير من الإرتجال في الأقوال والأفعال، ومن الممكن أن يحصل الإستعجال للشباب في الأمور....ولكن هل هذا الكلام صحيحٌ مطلقاً؟! وأن كلَّ ما يقوم به الشباب خطأ، وكل ما بفعله الشباب يفتقد الحكمة والصواب؟!! ثم كيف يحصل الشباب على الخبرة إذا عورِضوا دائماً؟ وكيف يمكن لهم أن يُصحِّحوا أوضاعهم؟!! أقول: أيها الإخوة: كما إننا نطالب الشباب بالتريّث، والتعقُّل، والإستشارة، ودراسة المواضيع قبل الإقدام عليها..... أقول: كذلك يجب علينا كآباء، وعلماء، ومثقَّفين أن نعطي الشباب الفرصة، أن نحترم عقولهم ونُقدِّرَ كفاءاتهم، خصوصاً أنَّ شبابنا اليوم-والحمد لله-درسوا وتعلَّموا وحصلوا على الشهادات العلمية، ويمكن أن يأخذوا بالنصيحة المفيدة إذا جاءت بالأسلوب الحسن.



قضية القدس والعالم الإسلامي:

وفي ختام هذه الحلقة أودّ أيها الإخوة أن أنتقل معكم إلى قضية القدس والعالم الإسلامي، فإنَّ بحثنا يواكب أوضاع الساحة، وأحداث الساحة دائماً، وهذا ما يهم الأمَّة كلّ الأمَّة، فأقول:لقد سمعتُ في اليومين الماضيين تصريحين مثيرين غريبين جداً، الأول: من الرئيس الأمريكي الذي قال: إن محور الشرّ والإرهاب يكمن في ثلاث دول: إيران والعراق وكوريا الشمالية. والتصريح الثاني لشارون رئيس وزراء الكيان الصهيوني يقول: إنَّه نادم أو ندمان لأنَّه لم يقتل الرئيس الفلسطيني((عرفات)) عندما اجتاح-أي شارون-لبنان سنة 1982م!!! فالتصريح الثاني اعتراف من مجرم سفَّاك اجتاح لبنان ودمَّرَ ما دمَّر وقتل ما قتل، كما يفعله اليوم في فلسطين من إراقة للدماء، وانتهاك للحرمات أمام العالم. وما فعله في صبرا وشاتيلا بالأمس يفعله اليوم أضعافاً مضاعفةً. ثم يأتي الرئيس الأمريكي ليقول للعالم: إنَّ إسرائيل ليست إرهابية، وإنما إيران، والعراق، وكوريا،هؤلاء هم الإرهابيون!!!وهذا الرئيس تارة يُصرِّح بحرب صليبية كما هو في بداية الحرب على أفغانستان، وتارة يُصرِّح واصماً دولاً إسلامية بالشرِّ والإرهاب ولا أدري هل هذا استغفال لعقول العرب والمسلمين؟!! أم هو استحقار واستهانة بالعرب والمسلمين؟!!أم هو جس للنبض وتمهيد لضرب هذه الدول؟!! أقول: إنَّ القمَّة العربية ستعقد قريباً في لبنان، بلد الجراح، وبلد النصر والمقاومة، ويجب أن تكون القمَّة مختلفة عمَّا مضى، يجب أن يصدر قرار شجاع يتحوَّل من الأقوال إلى الأفعال،ومن العمومية إلى الخصوص.فلا يجوز أن تجتمع الدول العربية كلّها في البلد الذي انتصرَ على إسرائيل ثم يخرجوا بقرارات خائفة خجولة.



أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.وإلى أرواح شهدائنا الأبرار وجميع أموات الأمة الإسلامية رحم الله من قرأ الفاتحة تسبقها الصلوات على محمد وآل محمد.
__________________
  #2  
قديم 10-03-2008, 04:58 PM
جعفر الخابوري جعفر الخابوري غير متواجد حالياً
عضو

 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 121
حديث الجمعة 16 / ذي الحجة/1422هـ - 1/3/2002م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) المنامة



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المنتجبين، والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.



ذكرى عيد الغدير: أيها الأحبَّة: سلامٌ من الله عليكم ورحمةٌ وبركات وبعدُ: فقد جاء في وصية الإمام علي أمير المؤمنين(ع) لولديه الحسن والحسين(ع) بعد أن ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله بسيفه، جاء في هذه الوصية:

((أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما صلى الله عليه وآله يقول: "صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام".



أيها الاخوة والأخوات، أيها الأبناء والبنات: نعيش هذه الأيام مناسبة وذكرى عزيزة علينا وعلى جميع المسلمين، وهي مناسبة وذكرى الغدير، ولابد من الوقوف عندها وقفة جدية. فهناك من تمر عليه هذه المناسبة ولا يعرف فيها إلا الاحتفال، والفرح ومظاهر الفرح، وكأنما ارتباطه بعلي (ع) ارتباط شكلي، أو كأنما خطابه عن علي (ع) خطاب عاطفي. وهناك من تمر عليه هذه المناسبة ولا يريد أن يحتفل بها أحد غيره، لأنه من أصحاب علي (ع) والآخرين ليسوا من أصحاب علي (ع)، فيسيء للذكرى قبل أن يُحسن، وكأنَّ علياً لفئةٍ دون فئة، فيكون خطابه عند الآخرين خطاباً طائفياً منفِّراً يفرِّق ولا يوحِّد. وهناك من تمر عليه الذكرى ولا يدري ولا يعرف حقيقتها، والغاية منها، لأنه يعيش أجواء بعيدة عنها، ويحتاج لمن يُقرِّبه إلى الذكرى، ويهديه ويبصره بحقيقتها، ولكن بالأسلوب الهادئ، والقول الحسن، والخطاب العلمي المنطقي. أيها الأحبَّة: فمن أي الأصناف نحن ، أوفي أيها نُصنِّف أنفسنا؟ وبأي خطاب نريد أن نتحدَّث عن علي (ع) إذا كنَّا حقاً أتباعه، ومحبيه، ومريديه، وإذا كنَّا نريد أن نكون سفراءه ورسله للعالم؟ لا يحقُّ لأحد -أيها الأحبَّة- أن يتحدَّث باسم علي(ع) إلا من سار على دربه ونهجه، ولا يحقُّ لأحد أن يتحدَّث باسم علي (ع) إلا أن تكون أقواله وأفعاله مطابقة لتعاليم ونهج علي(ع). هناك من يتحدَّث باسم علي (ع) وهو لا يعرف إلا سمه وكنيته ولقبه. وهناك من يقول ولا يفعل. لا علاقة بينه وبين علي (ع) على مستوى التطبيق والتفعيل. وهناك من يدَّعي حبَّ علي (ع) وولائه وهو بعيد كلَّ البعد عن نهجه وقيمه ومعاييره. وهناك نماذج ونماذج أخرى، وكلّها مرفوضة.



أيها الأبناء والبنات: قلتُ في العام الماضي كلمة وأقولها الآن في هذه المناسبة العظيمة: أين نحن من نهج البلاغة؟

هذا السِّفر العظيم والنهج المستقيم، هذا الكتاب الذي ما عرفت الدنيا كتاباً بعد كتاب الله سبحانه أجمع ولا أنفع ولا أروع منه، هذا النهج لماذا يظل مغيباً؟! لقد دعوتُ وطلبتُ أن تكون هناك لجنة تهتم بهذا السفر، وتعقد الندوات والمؤتمرات في هذا البلد، تُعرِّف الناس كلَّ الناس بقيمة هذا الكتاب العظيم، فهل يكون ذلك؟



أيها الأحبة: أمعنوا النظر في الكلمات التي بدأتُ بها حديثي، فهي آخر الكلمات التي نطق بها علي (ع) بعد ضربة ابن ملجم رأسه بالسيف في صلاته، فهذه الكلمات وصيته لولده، وأهله، ومن بلغه كتابه لا فرق بين سنة و شيعة، فليس هناك عند الإمام أهم ولا أقدس بعد معرفة الله وعبادته من نظم الأمر وصلاح ذات البين. هذه الوصية –كبقية وصاياه الأخرى- ينبغي أن تكون منهاج عمل لكلِّ مصلح وعامل يريد الإصلاح في أمَّته. فما أحرى بنا أن نتمسَّك بها وندعو إليها من كان من أصحاب علي (ع) غافلاً، ولأقواله ناسياً، وفي أفعاله لنهج علي مخالفاً.



وقفة مع القضية المركزية: أيها الأحبَّة: وانطلاقاً من نهج علي(ع) ووصيته وأطروحته لنا وقفة من القضية الفلسطينية، قضية الأمَّة المركزية، فليس أقل من أنَّه يجب علينا أن نعيش همَّها، ونفكِّر لأجلها، وندافع عنها بالقول على الأقل إذا كنَّا عن الفعل بعيدين، وفي هذا الأمر مقصِّرين... فمازال العدو الصهيوني يهدم البيوت ويحتل الأراضي ويسفك الدماء بالعشرات يومياً، وآخر ذلك امرأة حامل قُتِلَ زوجُها وهو يحاول إيصالها إلى المستشفى للولادة، ولم يكن زوجها مسلَّحاً فيعد إرهابياً كما يحاول من يريد تسويق التبريرات الصهيونية للعالم. والمجزرة التي فعلها الصهاينة بالأمس حين قتلوا اثني عشر شهيدا. وتأتي مبادرة الأمير عبد الله المطالبة بانسحاب إسرائيل لما قبل حرب 67 مقابل تطبيع كامل مع الدول العربية. ولا نريد أن نجادل في هذه المبادرة ومالها وما عليها، ولكن نقول: حتى هذه المبادرة ماذا كان رد الفعل الصهيوني؟ كان كالتالي: أراد الصهاينة أن يقطفوا الثمار حتى قبل المبادرة، فمنهم من دعا الأمير عبدالله لزيارة ما يسمى بإسرائيل، ومنهم من أراد أن يزور الرياض، يريد الصهاينة التطبيع بلا ثمن، ويريدون أن يحرجوا المملكة العربية السعودية بثقلها في العالم الإسلامي، كما فعلوا بعرفات حيث جرجروه من مدريد إلى أوسلو إلى واشنطن إلى لاشيء، وإلا فأي سلام مع هذا الكيان الغاصب لكلِّ الحقوق؟ وأي حديث عن السلام وفي كلِّ يوم يمضي هذا الكيان في الفلسطينيين قتلاً وتعذيباً وإهانة.



أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والى أرواح شهدائنا الأبرار وجميع أموات الأمة الإسلامية رحم الله من قرأ الفاتحة تسبقها الصلوات على محمد وال محمد
__________________
  #3  
قديم 10-03-2008, 05:01 PM
جعفر الخابوري جعفر الخابوري غير متواجد حالياً
عضو

 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 121
حديث الجمعة 20/ شوَّال/1422هـ - 4/1/2002م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) -القفول -المنامة


بسم الله الرحمن الرحيم ،الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، وأصحابه المنتجبين،والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.أيها الإخوة والأخوات، أيها الأبناء والبنات،سلامٌ من الله عليكم ورحمةٌ وبركات،وبعدُ:فقد قال الله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} (الروم:54) صدق الله العلي العظيم.
أيها الأحبَّة: سوف يكون كلامنا على ضوء الآية وانطلاقاً منها عن الشباب، وهذا الكلام حلقة أولى لحلقات قادمة متَّصلة إن شاء الله، فنقول: أولاً: تحدَّثَ القرآن الكريم في هذه الآية عن الضعف والقوَّة بالنسبة للإنسان، تحدَّث عنه منذ أول تكوينه، ومنذ أول لحظة يبدأ فيها خلايا منويَّة تبدأ مسيرتها من صلب الرجل لتستقرَّ في وعاء رحم الأم، ومن ثم يتدرَّج ليكون جنيناً ، ويتطوَّر ليخرج إلى عالم الوجود، ثم يتطوَّر ليكبر ،وليأخذ غايته ،ثم ليتراجع إلى وضعٍ آخر،ثم ليرحل من هذا العالم إلى عالم الآخرة، مُركِّزَاً سبحانه في هذه الآية على ذكر مراحل ثلاث ، مرحلة الطفولة، ثم مرحلة الشباب، ثم مرحلة الشيخوخة.واصفاً له في مرحلتين هما الطفولة والشيخوخة بالضعف،وفي مرحلة وهي المتوسطة،بالقوَّة وهي مرحلة الشباب.والضعف والقوَّة في القرآن الكريم معنيان متقابلان، تقابل المَلَكَة وعدمها-كما يقول علماء المنطق.وقد جاء الحديث عن القوَّة التي يقابلها الضعف، جاء الحديث في القرآن الكريم لمعانٍ ثلاثة وهي:
1-القوَّة البدنية،وقد تحدَّثَ عنها القرآن في هذه الآية ،وفي قوله تعالى-حكاية عن بنت شعيب(ع)-:{يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ} (القصص: 26).

2-القوَّة المعنوية،وتشمل القوَّة النفسية، وإليها الإشارة بقوله تعالى:{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} (مريم: 1).

3-القوَّة المادّية،وتشمل السلاح والمال وأنواع القوى الإقتصادية،وإليها الإشارة بقوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}(لأنفال:60). ومرحلة الشباب التي وصفتها الآية المباركة بالقوَّة،هي مرحلة عنفوان الصحَّة، ومرحلة تكامل الطاقات، ومرحلة تكامل وتصاعد الغرائز الجنسية في الإنسان.وهي المرحلة التي يُخشى فيها على الإنسان أن ينزلق وينحدر ،وتجاوُزُها بسلام يعتمد على التربية الصحيحة، والأجواء الموجَّهة السليمة، والرعاية الجيِّدة، والنظافة البيتية والبيئية والإجتماعية.وقد عبَّر الرسول الأعظم (ص) عن هذه المرحلة بالجنون إذا لم تكن هناك ضوابط ترعاها وتضبطها، فقد مرَّ به(ص) رجل وهو جالس مع أصحابه، وهذا الرجل مصاب في عقله، فقال بعض الأصحاب مُشيراً إلى ذلك الرجل: مجنون،فقال(ص):بل هذا رجلٌ مصاب ،إنما المجنون عبداً أو أمة أبليا شبابهما في غير طاعة الله}.وقد جاء التعبير عن مرحلة الشباب بالجنون في كلام العرب وشِعْرِهم، وهو تعبير مجازي، قال زهير ابن أبي سُلمى-وهو من أصحاب المعلَّقات:

لمَّا رأتني سليمى صارفاً نظري عنها وفي العين من أمثالها زَوَرُ

قالت عهدتك مجنوناً فقلتُ لها إن الشباب جنونٌ بُرؤه الكِبَرُ


ولا شكَّ أنَّ وقفتي حول موضوع الشباب جاءت للأسباب الآتية:

1-إنَّ جيل الشباب هو جيل المستقبل الذي تبلغ نسبته ما يقارب الثلثين من نسبة سكَّان المجتمع، وبالتالي فبناء مستقبل البلاد يقع على عاتق الشباب، فإذا تمَّ إهمال هذا القطاع وأُسقِطَ هذا الرقم من المعادلة وأقصد أنَّه أُبعِدَ من حسابات البرامج، فانظر كيف يكون شكل الجيل القادم؟!

2-إنَّ مشاكل هذا الجيل هي مشاكل مُعقَّدة وتحتاج للدراسة والتأنّي، وتحتاج لنوع من الأساليب غير التقليديَّة.

3-إنَّ الكفاءات المطلوبة للقيام بمسئولية الإهتمام بقطاع الشباب في الحقيقة وغير مُتوفِّرة بحجم المشكلة، وهذا بالطبع يزيد حجم الحاجة لمعالجة هذه القضية الحسَّاسة.

هذه الأمور مع بعض الإقتراحات التي وصلتني هي التي دفعتني لتخصيص عدَّة وقفات أو حلقات بعبارةٍ أُخرى في الأسابيع القادمة للحديث عن هذا الموضوع الهام.

وفي تصوُّري إنَّ الحديث في الحلقات القادمة سيتناول بعض الخطوط العريضة حول القسمين الآتيين:

القسم الأوَّل حول مشاكل الشباب،والتي تحتاج حقَّاً لتشخيص دقيق، فإنَّه مهما كان العلاج سليماً والدواء ناجعاً فإنَّه لن يُعطي مفعوله إذا كان المرض مجهولاً والمشكلة غير واضحة.

فجيل شباب الأمس هو غير شباب هذه الأيام، فالواقع غير الواقع، والطموح غير الطموح، فهناك مشاكل على مستوى الفكر والإعتقاد، وهناك مشاكل على مستوى السلوك.

أما القسم الثاني فسيتناول الأساليب المقترحة بما يتَّسِع له المقام، فالأساليب المطلوبة ينبغي أن تتوفَّر على عنصر المرونة والتجديد بما يتلائم مع الجيل الحالي الذي يملك انفتاحاً كبيراً، وأعداؤه قد سخَّروا كلَّ إمكانياتهم لجذبه وإبعاده عن دينه وقيمه الأصيلة.



من الرؤية للواقع: ولننتقل من هذه الرؤية الإسلامية إلى واقعنا في البحرين..فقد عُقِدَ المؤتمر الشبابي الأوَّل، قبل فترة في صالة شهرزاد، وكان حضوراً مباركاً جيِّداً رعاه عدد من الرموز في الساحة، وكان يُتوقَّع أن ينتُج عن هذا المؤتمر برنامجٌ شبابي لتدريب الطاقات على ممارسة الدور المطلوب في هذه المرحلة الهامَّة من حياة الأمَّة، ولكن للأسف لم نسمع شيئاً بعد هذا المؤتمر،أو ليس الأجدر بنا أن نشرع في إعداد وتنفيذ برنامج تأهيلي لاستيعاب طاقات الشباب وتدريبها على ممارسة دورها في الحملات الإنتخابيَّة؟ مثلاً: في تقييم المرشَّحين، في إدارة الحوار الوطني، في تطوير مهاراتهم الفنيَّة، لكي يتمكَّنوا من الإعتماد على أنفسهم اقتصادياً واجتماعياً، وبالتالي يكونون جزءً فاعلاً في المجتمع ،كما هو الدور المطلوب منهم؟!

أو ليس الأجدر بنا أن نُنشِّط الحركة الرياضية والثقافية، وأن نربّي شبابنا على الفهم العلمي لمتطلبات حياتنا المعقَّدة؟ إننا بحاجة إلى شباب مُتطوِّر ومُبدع يُساعد في دعم الحركة الإصلاحية، ويُساهم بصورةٍ مباشرةٍ في إثراء العمل السياسي والإجتماعي تحت مظلَّة الإتجاه الإسلامي،الذي يُؤكِّد على ضرورة تحقيق أقصى درجات الإنتاجية للطاقات الشبابية.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.وإلى أرواح شهدائنا الأبرار وجميع أموات الأمة الإسلامية رحم الله من قرأ الفاتحة تسبقها الصلوات على محمد وآل محمد.
__________________
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:57 AM

Style provided by: MonksDiner - Entertainment Forum
Translated To Arabic By: Nile Stars
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir